متاجر تفسير الأحلام وعرافي القنوات الفضائية
هل سنرى متاجر لتفسير الأحلام قريبا؟! هل سنشهد ظهور منافذ توزيع لهذه الخدمة؟، وقوائم أسعار، وحملات ترويجية للخدمات التي يقدمها بعض المفسرين؟.. أقول هذا الكلام لما لمسته من رغبة عارمة لدى البعض في الجري خلف تفسير أحلامهم من جهة، وجرأة بعض المفسرين في مجال تفسير الأحلام، وانكبابهم على التكسب من خلال نشاط بات أشبه ما يكون بتجارة بضاعتها الرجم بالغيب إلى حد كبير، وذلك لدرجة أن بعض المفسرين ــ ولا نعمم ــ تحسبهم عرافين أو منجمين يتخذون الفضائيات ــ بحسن نية أو بسوء نية ــ مطية لتقديم خدماتهم؛ وإن سألتهم عن قدراتهم الخارقة من أين اكتسبوها؟ وكيف طوروها؟؛ لا تجد لديهم برهانا يقنع الأطفال فضلا عن الكبار.
ومما يؤلمنا أن الكثير من الفضائيات أصبحت مرتعا لبعض هؤلاء المفسرين؛ وذلك لدورهم الكبير في تعظيم العوائد المالية لتلك القنوات، وتنافست تلك القنوات على استقطاب مفسري الأحلام الذين لا يتورع البعض منهم عن تقديم خدماته لكل متصل عن بعد بغض النظر عن عمره أو ظروفه، أو الأثر النفسي الذي سيحدثه التفسير على المتصل، بل علمنا بأن من المفسرين من وضع بالفعل سعرا معلوما لخدمة التفسير التي يقدمها، وانتشرت هذه الظاهرة لدرجة أن بعض المفسرين حذروا من بعض المفسرين، فأحدهم حذر مما أسماه «مرتزقة تفسير الأحلام على الفضائيات»، كما انتقد سماحة مفتي المملكة كثرة الظهور الإعلامي لمفسري الأحلام على الفضائيات، ودعا الناس إلى عدم البحث عن المعبرين.
لقد قام العلماء بدراسة مستفيضة لظاهرة الأحلام، فمن دراسة تؤكد بأن الأحلام تساعد على الحد من الذكريات المؤلمة؛ إلى دراسة تشير إلى أهمية الأحلام في تقوية الذاكرة، وأخرى ثالثة تؤكد على دور النوم والأحلام في ترسيخ المعلومات في المخ، وغيرها من الدراسات العلمية التي عجزت ــ بمجملها ــ عن الوصول إلى ما يشفي صدور العامة حول كنه وحقيقة الأحلام، ولعل هالة الغموض هذه ساهمت في تعلق البعض منا بحلم ينطوي على أمل قد يتحقق في ثنايا المستقبل؛ فازداد الإقبال والطلب على تفسير الأحلام.
ومع إيماننا بأن الرؤى الصالحة هي من المبشرات؛ تأنس نفس المؤمن بها، وهي حق.. ورؤيا الأنبياء حق؛ وأنها كانت من مصادر التشريع في زمن الأنبياء فقط، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل أصحابه عن الرؤى لما فيها من تبشير، وأن هناك من أنعم الله تعالى عليهم بقوة ومقدرة مكنته من تعبير الأحلام على سبيل الظن لا اليقين وأن ظنهم قد يصدق أحيانا؛ إلا أن المبالغات غير المحمودة، والممارسات المادية التي طغت على عالم الرؤى والأحلام؛ قد أضعفت هذا المفهوم في أذهاننا وشوهته للأسف، وجعلت الكثير منا يركن إلى الأحلام باعتبارها علاجا للمشكلات، أو وسيلة للهروب من الواقع، بل إن البعض قد بنى قراراته المستقبلية في الزواج والطلاق والسفر والعمل وغيرها على مجرد حلم، وقد سمعنا عن قصص من هذا القبيل في مجتمعنا كان أبطالها صاحب حلم ومفسر والنتيجة كانت مصيبة لصاحب الحلم.
وأنا هنا لست بصدد إجراء تحليل نفسي لمن يعتقد بأنه شيخ المفسرين بالرغم من فشله، أو لأنصاف المفتين بالرغم من ثبوت فساد آرائهم؛ بل أدعو عبر هذه الكلمات إلى دراسة هذه الظاهرة بكافة أبعادها، ظاهرة تجارة الأحلام، ووضع حلول لها، لأنها في تزايد مستمر، وقد تؤثر بتبعاتها سلبا على الصورة الذهنية لشعبنا الطيب، وخصوصا أن هذه الظاهرة باتت أقرب إلى بيوتنا من أي شيء آخر من خلال الفضائيات والانترنت والجوال ووسائل التقنية الأخرى، والنتيجة ببساطة صفر لصاحب الحلم، وانتفاخ جيوب للمفسر وللفضائيات، بل إن بعض المفسرين هم أقرب إلى النصب منه إلى الجهل، ويستغلون البسطاء دون وازع أو رادع..
وعلى الجانب الآخر أصبح إتيان المعبرين لدى الكثير من طالبي خدمة التفسير بديلا عن إتيان العرافين؛ لما يوفره من غطاء شرعي لكل من يتمسك بأهداب الإيمان، ولما يحققه من إشباع نفسي لدى هذا الإنسان الذي يتطلع دوما إلى كشف حجب المستقبل لاستجلاب خيراته ولن يستطيع؛ لأن الله تعالى وحده يعلم الغيب ولا أحد غيره. إن رواج أية تجارة مرهون بتزايد الطلب عليها؛ لذا يتعين علينا عدم الانكباب على طلب التفسير كلما عرض لنا عارض أو حلم؛ لأن هذا الأمر يعد من قبيل الترف المذموم ويعزل الإنسان عن واقعه ويغمسه في عالم من خيال، ونصيحتي للبعض بان يخفف الأكل في المساء فهو مسبب للأحلام المزعجة أو الكوابيس وعندها سيبحث من يخمنها له فاحذر وخفف الأكل تسلم ودمتم من الأحلام المزعجة سالمين