الرد على أهل البدع والذب عن السنة وأهلهاالعقيدة والتوحيد ومنهج الطائفة المنصورةالعلم والتأصيل الشرعي

أقسام الخوارج وأحوالهم أولا:الخوارج القعدية 

أيها الأخوة الكرام منذ بداية الأحداث المأساوية المعاصرة التي حلت بالمسلمين في العصر الحديث ونحن نحذر منها ومما سوف تؤل إليه من الفوضى نتيجة التقليد الأعمى للغرب الكافر في مظاهر الاحتجاج على فوات نصيب من الدنيا الفانية. ورأينا بأم أعيننا ما آلت إليه هذه الأحداث من سفك للدماء وانعدام للأمن ونشر للفوضى وهتك للأعراض واعتداء على الأملاك.

وقد قلنا كلمتنا ولله الحمد وفق معتقد أهل السنة والجماعة في تحريم الخروج على الحاكم المسلم لما فيه من المفاسد ومخالفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين وإجماع الأمة على ذلك، وبينا أن هذا مشابه لفعل الخوارج ونقلنا نصوص علمائنا الأجلاء والأكابر في هذه الأمور ولله الحمد

وظهر لنا بعض من ينسب نفسه إلى العلم يستهزئ بقول أهل السنة وضرب بآثار السلف عرض الحائط وبعضهم تطاول علينا وراح ينهال علينا بالسباب والقذف والشتائم والبعض الآخر استباح دمنا ولم يرقب فينا إلا ولا ذمة والعياذ بالله ومما ذكره بعض هؤلاء أن العلماء لا يفقهون الواقع وأن لديهم سوء فهم وتنزيل للأحكام على الوقائع وأنهم علماء سلطان وعبيد آل سلول وعلماء الحيض والنفاس وإتهامات وكذبات شتى خرجت من في هؤلاء والعياذ بالله وكان من ديدن هؤلاء محاولتهم التلبيس على العامة في تضيعهم لوصف الخوارج ومعرفتهم حقيقة الخوارج وزعمهم أن الخوارج هم من يخرج على الحاكم بالسيف مقاتلاً فقط، وأن هؤلاء المتظاهرين وأيضا المحرضين لهم لم يخرجوا بالسيف.

فرأيت أنه من الواجب بيان ما يلبسه هؤلاء الجهلة على بعض الناس من من الذين يستمعون لكلامهم ويغترون بهم ولايعلمون ماهم غارقين به من الجهل فهم أكاد أجزم بأنهم لم يقرؤا في كتب العقيدة منذ زمن طويل ولم يفهموا عقيدة أهل السنة ولا وعوها . فوجب التحذير من هذا الفكر المنتشر في العالم الإسلامي، كما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ” الفرق بين النصيحة والتعيير” ص33 ( فأما أهل البدع والضلال، ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيرا من الإقتداء بهم)

فأقول مستعيناً بالله:

إن الخوارج فرق متعددة منهم الأزارقة والنجدات والإباضية والصفرية والحرورية والشراة وغيرهم، ومن هذه الفرق (الخوارج القعدية) وهي من أخطر فرق الخوارج، ومما تتميز به هذه الفرقة هي أنها لا ترى الحرب على الحكام لكن تزينه للآخرين.

قال الزبيدي رحمه الله تعالى في تارج العروس ( 5\195): ( القعدة قوم من الخوارج قعدوا عن نصرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن مقاتلته ….. وهم يرون التحكيم حقا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس … والقعد:الذين لا يمضون إلى القتال، وهو اسم للجمع، وبه سمي قعد الحرورية ـ فرقة من فرق الخوارج ـ والقعد: الشراة ـ أيضا فرقة من فرق الخوارج ـ الذين يحكمون ولا يحاربون، وهوجمع قاعد).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى واصفاً الخوارج القعدية: (والقعد الخوارج، كانوا لا يرون الحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة ويدعون إلى رأيهم ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه) – تهذيب التهذيب 114 /8-

فنرى في وصف الحافظ ابن حجر أن هؤلاء ينكرون على أمراء الجور أي الأمراء وأولياء الأمور الظلمة وفق طاقتهم مما يحرضون به ويهيجون الشعوب، فهم يزينون الخروج على حكامهم في أذهان الشعوب العامة المسكينة لتحقيق مقاصدهم وآثروا القعود وانصرفوا عن قتال الحكام وحمل السلاح، لكنهم يعتبرون من حركات الخوارج الثورية. فهم الذين يهيجون الناس ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر، ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله باسم تغيير المنكر وهم أخبث فرق الخوارج والعياذ بالله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (ج19ص72) عن الخوارج ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا به جملة المسلمين وأئمتهم إحداهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس بحسنة حسنة) وهم أخطر من الخوارج أنفسهم إذ أن الكلام وشن القلوب وإثارة العامة على ولاة الأمر له أبلغ الأثر في النفوس، وخاصة إذا خرج من رجل بليغ متكلم يخدع الناس بلسانه وتلبسه بالسنّة.

روى أبو داود في مسائل أحمد عن عبد الله بن محمد الصعيف أنه قال: ” قعد الخوارج هم أخبث الخوارج ” ص271

قال الآجري رحمه الله تعالى في الشريعة (ص21): ( لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صاموا وصلوا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس بنافع لهم لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذر الله عز وجل منهم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذرنا الخلفاء الراشدون بعده، وحذرنا الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله عليهم ).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في ترجمة عمران بن حطان: (تابعي مشهور وكان من رؤوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وان كانوا يزينونه )” الإصابة في تمييز الصحابة 5/302- فعمران بن حطان لم يقاتل بنفسه بل ذكر في ترجمته أنه كان يهرب خوفاً على حياته.

وأول هؤلاء الخوارج هو ذو الخويصرة التميمي وقصته في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال: خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية))

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله تعالى- في شرح الواسطية (وأول بدعة حدثت في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم ذهيبة جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد أعدل فكان هذا أول خروج خرج به على الشريعة الإسلامية، ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم)

فهذا الرجل الذي خرج من صلبه الخوارج الذين قاتلوا الصحابة في النهروان لم يكن يقاتل الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف لكن اعترض على حكمه باللسان. قال الشيخ العثيمين في تعليقه على هذا الحديث (بل العجب أنه ـ يعني ذي الخويصرة ـ وجَّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: اعدل، هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ا أخذ السيف على الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه أنكر عليه، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول)

وقد رأينا بعضهم يرد أحاديث صحيحة لم توافق هواه وشهوته ويحاول الطعن فيها، وهذا مسلك الخوارج قديماً وحديثاً،

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (ج19ص73) عن الخوارج إذا لم يعقلوا الأحاديث: ( فيطعنون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وإلا فهم ليسوا متبعين ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ولا بحقيقة القرآن ).

فبعد أن علم هذا ياعباد الله لكم أن تحكموا على بعض الطامات الذين سموا أنفسهم بالدعاة وهم يشنشنون ويحرضون على المنابر والقنوات وأنا لاأريد أن أنتقد أشخاص بأعيانهم فإنه يكفيني إسقاط أفكارهم والرد عليها فهم المنظر لهذا الفكر خاصة مع تطور وسائل الإتصال كالأنترنيت.فلقد غزو الكثير من المنتديات الإسلامية وأصبح لهم دور فعال في نشر فكر الخروج بل وأصبح لهم ساسة وعلماء اتخذوا أقنعة يمررون بها باطلهم للسذج من أتباعهم.

فهم والله المرض العضال والداء الفتاك القتال الذي ينخر في جسد الأمة وصداع في رأس المسلمين يثور من حين إلى آخر ولهذا يرى علماء الأمة وعقلائها أن استئصال داء الخروج يبدأ في اجتثاث هذه النابته كما فعل بأسلافهم.

نسأل الله الثبات والعافية.

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل حاجب الإعلانات ثم تحديث الصفحة لعرض محتوياتها