الرد على أهل البدع والذب عن السنة وأهلهاالعقيدة والتوحيد ومنهج الطائفة المنصورةسلسلة الرد الشافي على الليبراليين والعلمانيين ومن نحا نحوهم من الملحدين
شعار الين واليانج الذي يدعو إليه أصحاب نظريات الطاقة وجذوره ومعانيه الإلحادية
أيها القارئ الكريم إنه لا يكاد يخلو حديث أي معالج بالطاقه ولا أي مدرسة من المدارس الطبية التي تعتمد على هذه التقنية بأي أسلوب من الأساليب عن ذكر فلسفة ( الين ) و ( اليانغ )؛ والكثير من الناس لايعلمون البعد العقدي لهذه الفلسفة الإلحادية لأن الذين يقومون بعرضها يخفون حقيقتها وتاريخها ولا يلبسونها بلباسها الحقيقي الذي تقوم عليه إن ( الين ) و ( اليانغ ) ترتبط أساساً بتفسير نشأة الكون؛ ثم تم دمجها في الفلسفة الطاوية، حيث يزعمون أن الطاو كان هو الأبدي الأول، ثم تولد منه ( الين ) و ( اليانغ )، و لقد فسر بعض الفلاسفةالشارحين لكتب ( لاوتزي ) ” أن هذا الأول الأبدي هو الطاقة الكونية أو ما يطلق عليه ( تشي )، و بأن الـ ( طاو ) عديم الشكل ينتج جميع الأشكال التي في الوجود من خلال تفاعل المبدأين المتناقضين الـ (ين ) والـ ( يانغ )، وكل هذه الكائنات ليست منفصلة عن موجدها بل هي وهو شيء واحد”
و هذا بلا شك يفسر كلام المروجين لهذه التطبيقات العلاجية في دوراتهم أن الطاقة الكونية تسري في جميع الموجودات سواء كانت حية أو غير حية؛ و أننا كبشر أو كل الكائنات الحية نتأثر بها و نؤثر فيها؛ كما أننا نستمدها من الكون و نرسلها إلي الكون و إلي كل الموجودات من حولنا بما فيها الجمادات؛ بل كما قالت أحد الماستر العرب في محاضرة صوتية لها أن الجماد كالكرسي تتأثر طاقته إذا جلس عليه شخص مصاب بالإكتئاب أو الحزن؛ و من ثم و يتأثرمن يجلس علي هذا الكرسي بعد ذلك و ينتقل إليه هذا الإكتئاب و ذلك لسريان الطاقه في كل الموجودات.
و العجيب أن يتم تلبيس هذه الفلسفة الإلحادية لباس العلم و لباس الشرع فيستدلون علي هذه النظرية بمعجزات الأنبياء عليهم السلام؛ فيضربون أمثلة لتسبيح الجماد في يده الشريفة؛ أو ببكاء و أنين جذع النخل عندما تركه؛ أو بالحكمة من أوقات الصلاة و ربطها بأوقات إزدياد و تقصان الطاقة الكونية…إلي آخر هذا التلبيس و ما أحسن من شبه فعل هؤلاء بمن أراد أن يأكل خنزيراً و قال أنه لايأثم شرعاً إذا ما ذبحه علي الشريعة الإسلامية!!
فمن أجل تقريب هذه الفلسفة إلى أذهان العوام اتخذت الأسطورة صورة أكثر بدائية، فظهر الاعتقاد بمايسمى ” البيضة الكونية ” ( cosmic egg ) . لقد صُوِّرت البيضة الكونية على أنها مبدأ الوجود . وانقسمت هذه البيضة إلى نصفين ، فتكونت الأرض من نصفها السفلي وهو الجزء الثقيل المظلم أو الـ ( ين ) ، وتكونت السماء من نصفها العلوي وهو الجزء الخفيف المضيء أو الـ (يانغ ) . وكان بين هذين النصفين الإنسان الكوني الأول : پان كو ( Pa’n Ku الذي فصل نصفي البيضة بجسده . ولما مات پان كو تكونت الدنيا من أجزاء جسمه المتناثرة .
ولا يخفى على متأملٍ في ما سبق إيراده ، أن فلسفة الـ ( ين يانغ ) ذات تعلق واضح بالاعتقاد، وهو ما لا يمكن تجاهله أو إغفاله؛ فهي صورة واضحة من صور الإلحاد وإنكار الإله والعياذ بالله تعالى
– فبناء على هذه الفلسفة – يقال إن بداية الوجود ناتج عن العدم ، ومتولد عن كتلة غامضة دون وعي منها أو إرادة في نظرية تشبه – كثيرا – نظرية الفيض عند فلاسفة اليونان ومن تبعهم من فلاسفة العرب. ولا نجد في شيء مما ذكر حول الـ ( ين يانغ ) في المصادر القديمة ولا في الدراسات العلمية الحديثة للفلسفة الشرقية أي ذكر لإله منفصل عن الكون خالق بعلم وإرادة ، بل أقصى ما يذكر في هذا الصدد إله لا شخصي متحد بالمخلوقات أوحال فيها
و بذلك يتضح أن أصل فلسفة (الينغ و اليانج) التي يتعامل معها جُل المعالجين بالطاقه سواء المسلمين منهم أو غير المسلمين قائمة علي مبدأعقدي منحرف في محاولة بائسة للإجابة علي الأسئلة الأساسية ( المبدأ- الغاية – المصير ) و هو تصور منكر للإله الواحد الخالق المتصف بالقدرة و الإرادة، و يدل علي ذلك ما رد ” في كتاب ( سوون ) – وهو كتاب أصيل اعتمد عليه الطب الصيني
حيث جاء فيه(إن الـ ( ين يانغ ) هو طريق السماء والأرض، المبدءان الأساسيان اللذان يحكمان آلاف الكائنات. هما أم وأب كل التغيرات والتحولات، هما أصل وبداية التوليد والإبادة، هما القصر الذي به تألق الروح )
وقالوا أيضا(الـ ( ين ) والـ ( يانغ) هما مبدأ آلاف الكائنات)
وورد أيضاًفي رسائل الأمبراطور الأصفر جميع الأشياء تحتوي على الـ ( ين ) والـ ( يانغ )، وعندما تظهر الأشياء في الوجود من خلال تفاعل الـ (ين) والـ ( يانغ) تبدأ التحولات بالحصول)
فالـ ( ين ) والـ ( يانغ ) في الفلسفة الصينية صفتان نسبيتان ليس لهما حقيقة في الخارج ، وهما تجليات للمبدأ الأول الذي يُعبَّر عنه بالـ (طايجي) وهو ليس إلا تعبيرا عنهما في صورتها المتحدة ، وعليه فهو مرادف للـ ( طاو ) ، والطاقة الحيوية ( تشي) ” …” هذا التصور للعالم – لا شك – نابع من الاعتقاد بوحدة الوجود
والعياذ بالله وهو عين ما تشير إليه وترمي نحوه الداعية لمنهجهم في الدول العربية مريم نور فجميع الموجودات مظاهر وتجليات للحقيقة الكلية والمبدأ الفريد ، فالـ ( طايجي ) هو المُنتِج للكون ، والكون ليس إلا جزءا من الـ ( طايجي ) المتمثل بنشاطي الـ ( ين يانغ ) ؛ لذا فهي تهدف للاتحاد – أو إدراك الاتحاد – بالمطلق الكلي أو الحقيقة الكلية ، وذوبان الفرد في الكل . وخلاصة الأمر أن الـ ( ين ) و الـ ( يانغ) ليسا إلا وجهان لعملة واحدة ، في عقيدة وحدة وجود
و بهذا البيان يتضح زيف و تضليل و سطحية من يروج لفلسفة (الينغ ) و ( اليانج ) علي أنها فلسفة الثنائيات و يقفون عند هذا الحد، بل و الأدهي و الأمر أن يستدلون علي ذلك بآيات القرآن الكريم مثل قوله تعالي في آية الرعد ” وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ” أو آية الذاريات ” وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
فشتان بين هذه الفلسفةالإلحادية و بين كلام رب البرية؛ فما يتم – أسلمته – من قبل الممارسين المسلمين في محاولة بائسة منهم لإضفاء شرعية علي هذه المعتقدات الضالة الملحدة التي يروجون لها؛ فيغفلون أو يتغافلون عن سرد هذه الفلسفات في دوراتهم لعوام المسلمين، ما هو إلا تلبيس واضح يصعب معه إفتراض حسن النية و الجهل لا سيما و قد أقيمت علي كبرائهم الحجة .
إن فلسفة ( الينغ ) و (اليانج) أثرت في كل شئ عند معتنقيها؛ بل لا نبالغ إذا أكدنا أنهما داخلان في كل شئ سواء كان مادياً ملموساً أو حسياً معنوياً؛ و لقد نال الجانب الطبي نصيبه أيضاً من هذه التقسيمات ” حتى أمكن اختزال الطب الصيني برمته في هذه الفلسفة المبدئية ، بل إن القول بأنه لا وجود للطب الصيني من دونها لا يعد مبالغة بعيدة عن الواقع .
لقد تم تحليل عمليات الأعضاء الوظيفية والأعراض المرضية جميعها على ضوء فلسفة الـ ( ين يانغ )، فاعتُبر تمتع الإنسان بالعافية والصحة الجيدة دليلا على توازن النشاطين المتناقضين في جسده، أما عند وجود أي خلل في هذا التوازن فإن ذلك يؤدي إلى اختلال الوظائف العضوية تبعاً وظهور الأعراض المرضية
ولذلك كان الهدف الأساسي في الطب الصيني هو استعادة التوازن الطبيعي للـ ( ين يانغ ) .
إن استعادة التوازن الطاقي في الجسم البشري ليس بالسطحية التي قد يظهر بها ، فإن المعنى الحقيقي لهذا التوازن هو الانسجام مع الكون ومن ثم الاتحاد به، وعندما يختل التوازن يكون هناك انفصال ظاهري عن الـ (طاو) الكوني ، ومن أجل استعادة الاتصال كان لا بد من إعادة توازن الـ (ين يانغ) . ولذلك كانت التطبيقات التي تعتمد على فلسفة الـ ( ين يانغ ) تجعل موازنتها وسيلة لتحقيق الاتحاد بالمطلق والعياذ بالله
تأمل أخي القارئ جيداً أن هذه التطبيقات المنتشرة اليوم من ريكي و برانا و تشي كونج و تاي شي…أو الفلسفات الأخري الشقيقة كالبايوجيومتري و الفانج شوي…الخ؛
فهي ليست تطبيقات علمية علي الإطلاق – كما يزعمون – بل هي غير مثبتة علمياً علي الإطلاق بل هي تصورات فلسفية باطنية أنتجت تطبيقات و ممارسات مبنية علي هذه الإعتقادات و الفلسفات؛ و إني لأتعجب من هؤلاء الذين هم من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا في زعمهم أن الحكمة ضالة المؤمن؛ و أن هذه التطبيقات طالما لها أثر و نتيجة فلا يضرني أن أتعلمها بغض النظر عن عقيدة أصحابها!!
و هذه كلمة حق يراد بها باطل و تلبيس؛ إذا نحن نتفق معكم أن الحكمة ضالة المؤمن و أن العلم – لاحظ معي كلمة العلم – إن كان صحيحاً فلا ضرر في أخذه حتي من الكافر، و لكن هل هذا علم؟! كلا إنه ليس بعلم ! بل هو في الأصل فلسفة و تصور و اعتقاد منحرف أنتج ممارسات و تطبيقات – منها العلاجي و منها غير ذلك – وفق هذا التصور و تلك الفلسفة، فكانت الفلسفة و العقيدة سبباً أولاً، و الممارسات و التطبيقات نتيجة ثانياً؛ فأين العلم و الحكمة التي هي ضالتنا؟! فهذه التطبيقات الإستشفائية المعاصرة المبنية علي فلسفة الينغ و اليانج والتي يزعم مروجيها أنها محض علم؛ ما هي إلانقولات مهجنة لتطبيقات الطب الصيني القديم المبني علي فلسفةالإلحاد و الحلول و الإتحاد.
فتنبهوا يا عباد الله
اللهم اهدي ضال المسلمين ونور بصائرنا وردنا إليك ردا جميلا وأصلح نياتنا وذرياتنا وفساد قلوبنا وأعمالنا ياأرحم الراحمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين