أخواني الكرام إن بحث مثل هذا الموضوع في غاية الأهمية ينبغي نشره قبل أن تفسد العقائد مع بدع بعض الرقاة فنحن في زمن فيه من يقرأ علي الناس بغير هدى وينفث عليهم وبغير اقتداء وبغير حسن نية بل بسوء طوية، يفكر ويقدر ثم يفكر ويقدر لا لبذل السبل الشرعية التي تشفي بإذن الله مرضاه بل يفكر ويقدر لجعل أولئك المرضى، شفانا الله وإياهم، أسرى مقيدين بقيود جزمه بأن هذا المريض قد أصيب بعين من فلان وفلانة، أو أن ذاك المريض مسحور وقد تسبب في سحره فلان وفلانة، إن أولئك القوم لا شك عندي أنهم موجودون ولهم حضور ..
وإلا فالقراء على الناس فيهم رجال صالحون ونساء صالحات لا يهتدون إلا بالهدي الصحيح ولا يستنون في قراءتهم على الناس إلا بالسنة الصحيحة، لا دجل لديهم ولا اختراعات، لا تجد لديهم قراءة خاصة وقراءة مركزة،
وهذه المخالفات تحدث أمام الناس فيأخذونها بكل أسف بالتسليم والقبول بحجة أن فاعلها من أهل العلم والفضل، إنه يمارس عمله على المكشوف أمام الناس ولو كان مخالفا لما فعل ذلك مجاهرة، هكذا يقول رواده، وهذه هي مشكلتنا وهي أننا في هذا المجتمع نلبس لباس العلم والفضل والورع كل من عليه سمة أهل العلم دون النظر إلى تصرفاته ومن ثم قياسها بمقياس الشرع، والحقيقة أن الناس في مجملهم لا يلامون على ذلك لأن منهم من هو كالغريق يحتاج إلى القشة التي قد يكون فيها نجاته، ومنهم من لا يعرف موقف الشرع من تلك المخالفات، ومنهم من يرى في ممارسة ذلك القارئ مجاهرة وعدم اعتراض الجهات المختصة عليه ومن ثم منعه هو سلامة ذلك التصرف، فالناس في رأيي لا يلامون على ذلك في الغالب
وترك مثل هذه الأمور يجعلنا غرقى في الخرافة ننسب كل شيء إلى الجن والعين والسحر، إن البعض لم يجد مشروعا تجاريا يناسبه أفضل من أن يتحول إلى راق شرعي، يأتينا بالحيل والعجائب ومن ذلك ما يسمى بالاستعانة بالجن، حيث يقوم البعض منهم بالاستعانة بخبراء من الجن لعمل جلسات علاجية أو إجراء عمليات جراحية (تخيلوا!!)، ومنهم من يستعين بالجن لإخراج الجن (أي فرمتة المسحور!)، وكذلك بدعة العلاج بالكي وحرق الجن بالنار واستخدام الخنق والصرع بالكهرباء لعلاج المصروع، وهو يؤكد أن الكثير من الضحايا يضطرون للادعاء بأنهم يتحدثون على لسان الجني للتخلص من هذا العذاب!.
ومن البدع العجيبة أيضا الخلوة بالنساء وكشف موضع الرقية من أجسادهن ولمسه!، وأيضا هناك بدعة القراءة على (الوايتات) وخزانات المياه وهذه البدعة لا أظنها تحصل إلا بعد توسع النشاط الاقتصادي للراقي ودخوله في مرحلة التصدير، وهناك أيضا بدعة حرق آيات من القرآن أمام أنف المصاب لاستحضار الجني وحرقه وتعذيبه وكذلك هناك بدعة العلاج في المساجد مما يصنع الضجيج ويلوث مكان العبادة، وبدعة القراءة على المكياج وكريم (الترطيب) حيث تضع المرأة الماكياج على وجهها فلا يستطيع الشيطان أن يظهرها قبيحة في عين زوجها (حسب زعمهم) وهناك أيضا بدعة استخدام (التيزاب) أي حمض الكبريتيك فيرشونه على وجوه المرضى ما يؤدي لتشوهات وبدعة الكتابة على الدبلة من الداخل فيلبسه العريس ليلة الدخلة كي لا يعيق الشيطان مهمته .
ومنها بدعة كثرة الكلام مع الجني وكذلك بدعة الكتابة على المواضع الحساسة في المرأة غير المتزوجة كي لا يفض الجن المتلبس بها غشاء البكارة فيكتب الراقي باصبعه المبلل بريقه: «بسم الله على عرضك ومستقبلك»!.
وما شاكل ذلك من البدع الواضحة لكن الأخطر من هذا من يأتينا ببدع خفية وبإسم السنة والدين يقوم بترويجها بين المسلمين
كقراءة القرآن أثناء الرقية بمكبر الصوت، أو عبر الهاتف مع بعد المسافة، والقراءة على جمع كبير في آن واحد، فقد بينت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بأن الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة، ولا تكون بواسطة مكبر صوت ولا بواسطة الهاتف، لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
إن الحديث عن هذه المخالفات ونقل قول أهل العلم حولها طويل غير أنه لا بد من موقف ودور يأخذ صفة الديمومة لملاحقة أولئك القراء حتى يمنع كل دجال ودجالة من اللعب بعقائد الناس وعقولهم وبهذا نحيي العلاج بالرقية الشرعية ونمنع العلاج بالرقية البدعية.
أما موضوع تخصيص آيات معينة لعلاج معين كنت أريد أن أضع لها بحث طويل لكن ليس لدي وقت لبيانه الآن والمهم أنني بفضل الله عزوجل حاولت جمع بعض المخالفات والتنبيه عليها والأولى للمسلم اجتناب ذلك وعدم امتثاله والعمل به. فالقرآن كله بركه وأجر وخير، ودعوى أثر معين لآية معينة، خاصة فيما يزعمه البعض من تفريج الشدائد والضوائق المالية، فهذا لا بد له من دليل، ولا دليل عليه فيجب التنبيه
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:
“ومن البدع التخصيص بلا دليل، بقراءة آية، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل” انتهى
“بدع القراءة” (ص / 14)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو ينكر علي من يخترع أدعية
ويتكلف فى سجعها:
“أفضل الأدعية ما جاء في القرآن والسنة؛ لأنه جاء من لدن حكيم خبير، فيا ليت هؤلاء يجمعون أدعية القرآن التي جاءت في القرآن، وكذلك الأدعية التي جاءت في السنة ويدعون الله بها لكان خيرا لهم من هذه الأسجاع “انتهى.
“فتاوى نور على الدرب” (152/16).
الصاعقة الحقيقيه شيخ الإسلام حسنة الأيام آلذي يستدل بة بعض الرقاة
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
“ينبغي للخلق أن يدعوا بالأدعية الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة فإن ذلك لا ريب في فضله وحسنه وأنه الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا “انتهى.
“مجموع الفتاوى” (1/346).
قال الشيخ الألباني رحمه الله
طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه وسبيل
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
«إن العلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول؛؛ فالشأن في أن نقول علما هو النقل المصدق، والبحث المحقق فإن ما سوى ذلك وإن زخرف مثله
(! بعض الناس) خزف مزوق، وإلا: فباطل مطلق ». «مجموع الفتاوى»
(6/388
فنسأل الله أن لا نكون من أصحاب الأهواء و أن نقف عند الادلة ونأخذ بها