الثقافة الصحيةالثقافة العامة والموسوعات الصحية

الإضطرابات النفسية وكيفية تطورها وتحولها لأمراض نفسية


إخواني الكرام ثمة خلط كبير بين الإضطراب النفسي الطارئ والمرض النفسي وقد كنت قد وضحت الفرق بينها في بعض الحلقات التي شاركت فيها ولكي يصبح كلامي واضحاً جلياً وتتضح صورة الإضطرابات النفسية الطارئة من تلك التي تعد مرضية يجب البحث في الشخصية التي تعرف بحسب تعريفات علم النفس العلاجي, أنها اسم جامع مركب من الطبع, الصفات, الأحاسيس, الأفكار والسلوكيات المتاصلة والفريدة لدى شخص معين؛ فمن الممكن إيجاد تنوع واسع بين الأشخاص، من حيث الصفات والتراكيب الشخصية، في تجمع سكاني واحد,عندما تكون هذه التراكيب المختلفة للشخصية حادة, تفتقد إلى الليونة ودائمة التردد, فعندها تدعى بالشخصية “غير الطبيعية” أو أن صاحبها يعاني من الإضطرابات النفسية، إذ عندما تطرأ ظروف مغايرة تتطلب ليونة في هذه المكونات الشخصية, فإذا كان الشخص ذا مركبات تفتقر إلى الليونة في شخصيته، فقد تحد من قدرته على التاقلم, وبالتالي يكون المصاب بإضطرابات الشخصية معرضاً للوقوع في الأزمات والمعاناة, عاجزاً عن ممارسة حياة طبيعية, لا يعي ذو الشخصية غير الطبيعية إشكالية هذا الإختلاف, بل يكون على قناعة إن المشكلة التي تواجهه تكمن في الأشخاص والظروف المحيطة به, وهذا ما يعيق إحتمالات العلاج، إذ لا يستجيب الشخص للعلاج، وفي أكثر الحالات لا يرى حاجة للعلاج أو التغير, يبدأ ظهور هذه الشخصية غير الطبيعية عند الفرد في جيل المراهقة, وخلافاً للمرض النفسي, تعتبر الشخصية غير الطبيعية تركيبة ثابتة للفرد، ومن غير الوارد أن يؤثر فيها العلاج الدوائي, قد يكمن أصل المشكلة – لتشكل الشخصية غير الطبيعية أو للإضطراب في الشخصية – في العوامل الوراثية والعوامل المحيطة, يتم تصنيف أنواع إضطرابات الشخصية لمجموعات وأنواع محددة، بحسب نظام تصنيف وتشخيص أنواع الشخصية المتعارف عليه في علم النفس العلاجي (DSM) يتم التصنيف وفق عوامل مشتركة لأنواع مختلفة، بحيث تحوي كل مجموعه أنواعاً مختلفة، إلا أن بينها عوامل أساسية مشتركة؛ مما يعني أن من الوارد وجود شخصيات مختلفة في ذات المجموعة.

يتوفر العلاج النفسي المرضي لمعالجة هذه الظاهرة، كما وتتوفر علاجات دوائية مساعدة لمنع، أو علاج المخاوف التي تنشا عند المرضى في مثل حالات الإكتئاب والخوف.

المجموعة الأولى:

تندرج ضمن هذه المجموعة أنواع الأشخاص الإنعزاليين أو المنعزلين والذين يعتبرهم الآخرون غريبي الأطوار ومختلفين.

  • إضطراب الشخصية المرتابة(Paranoid personality):يتميز المصابون بإضطراب الشخصية المرتابة، بفهمهم لسلوكيات الآخرين، على أنها موجهه لتهديد وإلحاق الأذى بهم, غالباً ما يكون أصحاب هذه الشخصية كثيرو الشك، ومن الصعب أن يثقوا بالآخرين؛ وتشكل هذه التصرفات بالنسبة لهم آلية للحماية من المحيطين بهم، ومن الأضرار التي قد تلحق بهم، بسبب عدوانية وعدم نزاهة المحيطين, قد تشكل هذه التصرفات مشكلة حقيقية للمصابين بهذا الإضطراب، وقد تلحق الكثير من الضرر في حياتهم الإجتماعية, العملية, الزوجية وقد يسبب الإفراط فيها جلب كل المتاعب وحدوث الكوارث التي يخافون منها أصلا، كالتسبب في الطلاق أو الفصل من العمل.
  • إضطراب الشخصية الانعزالية (Schizoid personality) :يتميز المصابون بهذا الإضطراب بالإنطوائية والإنعزالية، ولا يشعرون بالحاجة لصحبة الآخرين, غالباً ما يقومون بالنشاطات التي تتطلب الإنعزالية, ويختار ذووا الشخصية الإنعزالية العمل في مهن لا تتطلب العمل الجماعي, يفضل المصابون بهذا الإضطراب، في كثير من الأحيان، قضاء أوقاتهم في النشاطات الفكرية والنظرية، وأن يكرسوا عواطفهم في الإهتمام بالحيوانات عوضاً عن إهتمامهم بغيرهم من البشر.
  • إضطراب الشخصية الفصامية (Schizotypal personality): يشبه صاحب هذه الشخصية, الشخصية الإنعزالية بعض الشيء، إلا أنه يكون أكثر غرابة، وبطريقة تثير الإنتباه لأسلوب الملبس والكلام, يؤمن عادة بالأفكار الفلسفية والغريبة, عادة ما يكون المصابون بإضراب الشخصية الفصامية قليلوا الإرتباطات الإجتماعية ويجدون صعوبة في الإندماج مع الآخرين, يشبه عالمهم الداخلي عالم الأطفال، مليء بالأصدقاء الخياليين, ولديهم الكثير من المخاوف والتخيلات وغالبا ما يكونون عرضة للإصابة بالإكتئاب المزمن.

المجموعة الثانية:

تندرج ضمن هذه المجموعة أنواع الشخصيات المتلونة, كالأشخاص الذين تتسم سلوكياتهم بالحدة مع المحيطين بهم، وغالباً ما تكون متضاربة وغير متناسقة؛ كما وتندرج الشخصيات الحدودية وغير الإجتماعية ضمن هذا التصنيف.

  • إضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic personality disorder):يشبه أصحاب هذه الشخصية, شخصية نركيس الإسطورية، الذي وقع في حب صورته المنعكسة على الماء، مستغرقاً بشؤونه دون الإحساس بوجود الآخرين, كثيراً ما يشعر المصابون بإضطراب هذه الشخصية بالتعالي، وبأنهم أصحاب شأن ويبنون التخيلات التي تشعرهم بأنهم متميزون ولامعون, يتصرفون أحياناً، بإستغلالية جليلة وينتظرون تلقي الإستحسان والتقدير الكبيرين من المحيطين بهم, لا تكون كل هذه التصرفات، في كثير من الأحيان، إلا ستاراً يداري شخصيتهم المهزوزة وشعورهم بالحاجة الدائمة إلى محفزات إيجابية، وتلقي الدعم من الآخرين, يجد أصحاب هذا الإضطراب صعوبة كبيرة في بناء العلاقات الشخصية، وغالباً ما يعانون الوحدة, كما ويكونون عرضة للإصابة بالإكتئاب، وخاصة مع التقدم في السن.
  • إضطراب الشخصية الهستيرية (Histrionic Personality Disorder):قد يظن البعض أن غالبية المصابين بهذا الإضطراب، هم من جمهور السيدات, بسبب أن أصحاب هذه الشخصية يعانون فرط الحساسية ويسعون دوماً ليكونوا في مركز إهتمام الآخرين يبالغون في التعبير عن عواطفهم، ويميلون إلى الخداع والمبالغة, قد تظهر تصرفاتهم مغرية بعض الشيء (بحسب الأفكار المسبقة للمتلقي), قد تستتر تحت هذا الغطاء معاناة عاطفية عميقة, بعيدة المدى، والتي تحتاج الكثير من التهدئة, يميل أصحاب هذا الإضطراب للإصابة بأمراض جسمانية مع إنعدام وجود سبب عضوي حقيقي.

المجموعة الثالثة:

تندرج ضمن هذه المجموعة أنواع الشخصيات التي تبدو للآخرين وكأنهم دائمو الخوف والإنزعاج وتضم:

  • إضطراب الشخصية التجنبية:يشبه المصابون بهذا الإضطراب، أولئك الذين يعانون من إضطراب الشخصية الإنعزالية, إذ يكونون في الغالب منعزلين ولا يرتاحون للإختلاط بالآخرين, إلا أن تجنبهم الإختلاط بالآخرين، نابع من إستصغارهم للذات ولقدراتهم، وإحتقارهم لأنفسهم بشكل مبالغ فيه, يحاول هؤلاء الأشخاص تجنب الإختلاط بالناس رغم رغبتهم الشديدة بالإختلاط, خوفا من تلقي الإنتقادات من الآخرين, عادة ما يكونون كثيري الخجل, عديمي الثقة بأنفسهم وسريعي التاثر, تسبب لهم هذه الصفات الفشل في علاقاتهم الشخصية وفي حياتهم العملية.
  • إضطراب الشخصية الإعتمادية:يتميز المصابون بهذا الإضطراب بإحساسهم بالخوف وبإستصغارهم لإنفسهم, إلا أنهم يتميزون بإحتياجهم للآخرين لمساندتهم في إتخاذ القرارات, توجد لديهم الدوافع في بناء علاقة إتكالية مع شخص آخر كثيرا ما يجعلهم هذا الإضطراب عرضة لإستغلال الآخرين لهم, وعادة ما يقبلون هذه العلاقة التي يشوبها الإستغلال خوفاً من البقاء وحدهم, قد يعايش صاحب الشخصية الإعتمادية الكثير من الإضطرابات النفسية، عندما ينفصل عنه من يعتمد عليه.
  • إضطراب الشخصية الوسواسية:يتميز أصحاب الشخصية الوسواسية بدقة التنظيم والتخطيط، وبإهتمامهم الشديد بأدق التفاصيل وصغائر الأمور, عادة ما يجابهون الصعوبات في القيام بالمهام، بسبب نزعتهم للكمال, بحيث يهتمون بأن تنجز المهمات على أكمل وجه، حتى في أصغر التفاصيل, كذلك من الصعب عليهم الإشتراك مع الآخرين في الأعمال، لحرصهم المفرط في إنجاز الأعمال بالطريقة المخطط لها، وعدم تقبلهم للتغيير والعفوية, قد ينظر إليهم البعض على أنهم أصحاب مشاعر ضحلة، وقد ينظر إليهم آخرون على أنهم يحملون الضغينة, من السهل والملائم لهم العمل في الأعمال التي تتطلب الكثير من الدقة في التفاصيل، مثل إدارة ورقابة الحسابات, وقد يكون هؤلاء عرضة للإصابة بالإكتئاب عند الظروف التي تتطلب الخروج عن الرتابة, مثل تلقيهم ترقية في مكان العمل.
  • إضطراب الشخصية العدائية السلبية Passive aggressiv:يتميز المصابون بإضطراب الشخصية العدائية – السلبية، بعدم المقدرة على التعبير عن العدوانية ظاهرياً وبشكل مباشر, بل يلجئون للتعبير عن هجوميتهم بالخفاء وبطرق ملتوية، مثل عدم النجاعة في العمل، الجدال, الشكوى والتذمر والنقد المبالغ فيه, كثيراً ما يشعر أصحاب هذا الإضطراب بأنهم سيئو الحظ، وعادة ما يكونون كثيري الحسد للآخرين, يثيرون الكثير من الغضب في علاقاتهم مع الآخرين، وأحياناً يجرون على أنفسهم العداء بشكل ظاهر؛ لهذا السبب كثيراً ما يفشل المصابون بهذا الإضطراب في بناء علاقتهم مع الآخرين، ويسبب لهم الضرر في مختلف مناحي حياتهم الشخصية, العملية والإجتماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل حاجب الإعلانات ثم تحديث الصفحة لعرض محتوياتها