الإِثْمِد أو (الأنتيمون أو الأنتيموان في الترجمات الحرفية، من الفرنسية: Antimoine) هو عنصر كيميائي في الجدول الدوري يرمز له بالرمز Sb (رمزه الكيميائي العربي ث)، وعدده الذري51. وهو من أشباه المعادن وله أربعة متأصلات
قديماً كانت تستعمل أملاحه في الكحل، تسمى هذه الأملاح حجر الكحل أو حجر الإثمد.
يمكن أن يتواجد في الطبيعة بشكل حر ولكن على الأغلب يوجد في شكل مركبات كبريتيد أو أوكسيد أو أوكسي كبريتيد ومركّبه الكبريتيدي هو الخام الرئيسي للمعدن. وهو معدن هشّ سريع التفتت، لامع ذو تركيب رقائقي بلون أبيض فضي
ومركبات الأنتيمون منذ العصور القديمة كانت تُطحن لاستخدامها كدواء ومستحضرات تجميل ، وغالبًا ما تُعرف بالاسم العربي الكحل ويعود تاريخ استخدام الكحل إلى العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد. وإستخدمته عدة شعوب وحضارات أشهرهم الفراعنة حيث كانوا يستخدمونه فتظهر عيونهم واسعة وجميلة. ولقد كان لاستخدام الكحل أسباب عديدة فمنها حماية العين من أشعة الشمس القوية في المناطق الصحراوية والحارة حيث أنه كان منتشرا لدى البدو. كما أن البعض كان يعتقد أن الكحل يحمي العين من بعض من أمراض العين كما أن الكحل كان يوضع للأطفال حديثي الولادة والأطفال صغار السن بغض النظر عن جنس الطفل لتقوية العين أو لحمايتها . وفي الوقت المعاصر الكحل يستخدم عادةً كمادة للتجميل للنساء لكن قد يكون هناك بعض الرجال ممن يضعون الكحل لكن بشكل غير شائع.
ولقد ورد ذكر الكحل في السنة النبوبة في عدة أحاديث منها ما روي عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر).. قال وكان رسول الله ص إذا اكتحل يكتحل في اليمنى ثلاثة يبتدئ بها ويختم بها وفي اليسرى ثنتين[رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن) وعنه اًيضاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسام : (اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر) رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان
قال الحافظ ابن حجر: (والإثمد حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز وأجوده ما يؤتى به من أصفهان. وفي هذه الأحاديث استحباب الكحل بالإثمد، للرجال والنساء..
وقد ذكره الأطباء القدامى وأشادوا بفوائده منهم ابن سينا حيث قال عن الإثمد أنه يحفظ صحة العين ويذهب وسخ قروحه . وقال عنه الموفق البغدادي: الإثمد ينبت الهدب ويحسن العيون ويحببها إلى القلوب ولا يوافق الرمد الحاد ..وقال الكحال ابن طرخان: هو أجود أكحال العين لا سيما للمشايخ والذين قد ضعفت أبصارهم إذا جعل فيه شيء من المسك..
يوجد للإثمد مركبات عضوية كالأنتومالين والفؤادين والغلوكانتيم، وأخرى معدينة مثل طرطرات الإثمد والبوتاسيوم، وله خصائص دوائية عديدة من مقشعة ومقيئة كما تصنع منها بعض المراهم الجلدية فكثيرة هي الأدوية التي تحتوي على الأنتيمون، والمعروفة باسم الأنتيمونيات، التي تستعمل كمضادة للقيئ وتستخدم مركبات الأنتيمون في مضادات الأوالي). استُخدمت مركبات البوتاسيوم أنتيمون تارتارات، أو مبتذلة الجير، للبلهارسيا في عام 1919، ثم استُبدلت في وقت لاحق بالبارازيكوانتيل ويُستخدم الأنتيمون ومركباته ايضا في العديد من المستحضرات البيطرية مثل أنتيومالين وثيومالت أنتبمون الليثيوم، كمُعالج للبشرة في الحيوانات المجترة يتمتع الأنتيمون بتأثير مغذي أو مؤثر على الأنسجة الكيراتينية في الحيوانات.كذلل تعتبر الأدوية التي تحتوي على الأنتيمون، مثل أنتيمونيات الميغلومين هي الأدوية المفضلة لعلاج داء الليشمانيات في الحيوانات الأليفة وكذلك استُخدم عنصر الأنتيمون كحبوب الأنتيمون كدواء. يمكن إعادة استخدامها من قبل الآخرين بعد الابتلاع والتخلص.فالإثمد (الانتيمون) يؤثر على زمر جرثومية كثيرة ويبيد العديد من الطفيليات كاللايشمانية والبلهارسية والمثقبيات والخيطيات ويستعمل في بريطانيا لمعالجة البلهارسية.
وقد أكد الاطباء حديثا على فؤائد الاثمد كالدكتور حسن هويدي فقال (أن جلاء البصر بالإثمد إنما يتم بتأثيره على زمر جرثومية متعددة وبذلك يحفظ العين وصحتها، إذ أن آفات العين التهابية جرثومية وعندما تسلم الملتحمة من الاحتقان يمكن أن يكون البصر جيداً. ويقول أن إنباته للشعر ثابت علمياً، إذ أن من خصائص الإثمد الدوائية تأثيره على البشرة والأدمة فينبه جذر الشعرة ويكون عاملاً في نموها، لذا يستعملون مركباه (طرطرات الإثمد والبوتاسيوم) لمعالجة بعض السعفات والصلع، تطبق على شكل مرهم بنسبة 2-3% وهذه الفائدة في إنبات الشعر تنفع العين أيضاً لأنها تساعد على نمو الأهداب التي تحفظ العين وتزيد في جمالها).اتهى
ففوائد حجر وكحل الأثمد للعين تتلخص في:
- زيادة النظر وتقويته حيث يساعد الكحل على التخلص من ضعف النظر.
- يمكن إستخدامه في حالات التهابات العيون والحساسية المفرطة للعين والتقرح التي تتعرض لها العيون بسبب الملوثات الخارجية.
- تأثيره القاتل على الجراثيم بوضع عينة للاختبار ثبت قدرة الكحل على قتل الجراثيم التي تتعرض لها العيون فتساعد مركبات الأنتمون بداخله على قتل الطفليات ويستخدم في حالات الاحتقانات المرضية للعين.
- يساعد على إنبات الرموش حيث يحتوي الكحل على عدد من الخصائص التي تؤثر على البشرة فتنشط بصلة الشعر للعمل على إنباتها وتثبيتها وكذلك يدخل الحجر في علاجات السعفة الجلدية وبعض حالات الصلع غير الوراثي.
- يعمل كواقي لحماية العين من أي تهديد خارجي قد تتعرض له من البيئة المحيطة.
- يساعد على وقاية العيون من ضعف النظر في مراحل الشيخوخة.
- يعمل على وقف النزيف الداخلي للعين وعلاج جروح العين.
فانظر أيها القارئ الكريم لروعة الاختيار النبوي. لقد كان عند العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأكحال استعملوها للزينة، وكما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي (فقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم كحل الإثمد لأنه يقوي بصيلات أهداب العين فيحفظ الرموش فتطول أكثر، وبذلك تزداد قدرتها في حفظ العين من أشعة الشمس وفي تصفية الغبار والأوساخ، فتزيد الرؤيا وضوحاً وجلاء أكثر منها في استعمال الأكحال الخالية من الإثمد).
وإذا كان البعض يريد أن يطعن في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للاكتحال بالإثمد من جراء وجود حوادث انسمام عند بعض الحوامل فلهو تيجة الاكتحال بأكحال مغشوشة تحتوي على عنصر الرصاص السام، فالانسمام إنما يحصل من غش الإثمد بالرصاص وليس من الاكتحال بالإثمد الطبيعي الصرف كما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم لأن المصنعون للكحل يقومون بذلك عن طريق طحن غالينا(كبريتيد الرصاص) والغالينا (PbS)
هي الهيئة المعدنية الطبيعية لكبريتيد الرصاص الثنائي والمعدن الخام الأهم للرصاص وسبب استعمالهم للغالينا لأنها من أكثر معادن الكبريتيد توفرًا ومن أوسعها انتشارًا. وهي شبيهة بالإثمد زهيدة الثمن مقارنة بالإثمد ويصعب تفريقها عنه ألا لدى المتخصص العارف بالمعادن وقد استخدم المصريون القدماء الغالينا في الكحل الذي كانوا يضعونه حول أعينهم للحماية من أشعة الشمس المنعكسة من الصحراء، ولطرد الذباب.والظاهر أنه كان يحدث الخلط عندهم بين الغالينا وبين الاثمد لصعوبة التفريق بينهما أو ربما فعلوا ذلك عن عمد فقد ناقش المصريون القدماء ، في بردية إبريس( حوالي 1550 قبل الميلاد) ،ناقشوا فيها هذه المركبات الداخل في الكحل كحماية للعينين. لأنه هناك عدد من أمراض العين المتوطنة في منطقة النيل بما في ذلك التراخوما- التي تسببها بكتيريا الكلاميديا ويمكن أن تسبب تندب القرنية – ومرض الملتحمة الندبي ، مع فقدان البصر. لذلك تم استخدام الكحل لديهم بتلك الصيغ الكيميائية ليس فقط كمستحضرات تجميل ولكن أيضًا كدواء طبي يعتقد أنه صنع عمدًا من قبل قدماء المصريين لهذا الغرض.
ويستخدم المصنعون الغربيون الكربون غير المبلور أو الفحم العضوي بدلاً من الرصاص في صناعة الكحل حيث يتم إضافة الزيوت النباتية والسخام من مختلف المكسرات والبذور وراتنجات النباتات إلى مسحوق الكربون. تعتبر هذه الطريقة أفضل من المنتجات المحتوية على الرصاص ذات الجودة الرديئة لذلك ينصح في صناعة الكحل بالإعتماد على الطريقة التقليدية القديمة المصنوع يدويًا
إذا علمت هذا الأمر أخي القارئ يتضح لديك سبب نُشر التقارير المتضاربة المختلفة في الأدبيات حول تطبيق الكحل على العيون المسؤولة عن التسبب في زيادة تركيز الرصاص في الدم عند استخدام الكحل، مما قد يؤدي إلى التسمم بالرصاص. بينما في الوقت نفسه تم أيضًا نشر عدد من الدراسات البحثية والتقارير التي تدحض أي روابط من هذا القبيل
وقد حاولت مجموعة من الباحثين في الصين إيجاد بعض الأسس العلمية لهذه الخاصية المزعومة لكبريتيد الرصاص (غالينا) المتعلقة بامتصاص أشعة الشمس عند وضعها في العين على شكل كحل. أبلغ المؤلفون عن أطياف امتصاص الأشعة فوق البنفسجية (UV) لطبقة رقيقة من كبريتيد الرصاص المحضر على ركيزة “أكسيد قصدير الإنديوم” (ITO).و أظهرت الأطياف أن الأغشية الرقيقة لكبريتيد الرصاص تتمتع بامتصاص أعلى ونفاذية أقل في نطاق ضوء الأشعة فوق البنفسجية ، مما يزيد مع زيادة جهد الترسيب.
لذلك بدأ السعي للتخلص من الرصاص من الكحل من خلال دراسات في أوائل التسعينيات من مستحضرات الكحل التي وجدت مستويات عالية من الملوثات بالرصاص.حيث بلغت مستويات الرصاص في مستحضرات الكحل التجارية 84٪. في عينات الكحل وتم الكشف عن ذلك باستخدام الأشعة السينية ومسحوق الحيود والمجهر الألكتروني أغلب العينات وجد فيها الغش لاحتواءها على غالينا
وبعد عقد واحد ، وجدت دراسة للكحل المصنعة في مصر والهند أن ثلث العينات التي تمت دراستها تحتوي على الرصاص ، في حين احتوى الثلثان المتبقيان على كربون غير متبلور وبعض والمركبات العضوية
وتظهر مضاعفات التسمم بالرصاص فقر الدم وتأخر في النمو وانخفاض معدل الذكاء وتشنجات ، وفي الحالات الشديدة ، الموت. وأصبح فقر الدم الناتج من التسمم بالرصاص هو موضع اهتمام خاص في دول الشرق الأوسط وجنوب آسيا مقارنة بأشكال أخرى من فقر الدم السائدة، بما في ذلك فقر الدم الناتج من نقص الحديد (من سوء التغذية) و خضاب الدم (فقر الدم المنجلي -الثلاسيميا)
وإني أتوجه بالدعوة إلى صناع الدواء ومواد التجميل من المسلمين الغيورين أن يقدموا لأمتهم كحلاً صافياً من الإثمد، خالياً من مركبات الرصاص السامة، كي يتمكن من يطبقه بأمان، كل من رغب في إحياء سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام بالاكتحال بالإثمد
والله أعلم والحمد لله رب العالمين