الثقافة العامة والموسوعات الصحيةالفتاوى والإرشاد الشرعيفتاوى الفقير إلى عفو ربه عمر بن يحيى آل دخان
أخر الأخبار
إرشاد المحب إلى حكم إستعمال رمز القلب

جدول المحتويات
رمز القلب
أصل وتاريخ هذا الرمز
أيها الأخوة الكرام إنه لا يخفى كيف أصبح رمزالقلب الأحمر رمزاً عالمياً للتعبير عن الحب وصاريستخدم عبر الرسائل الإلكترونية كبديل سريع لصياغة بعض الكلمات المعبرة عن نفس المعنى الذي يدل على المحبة وقد أنتشرت عبر الإنترنت بعض الفتاوى التي تنسب لبعض العلماء تحرم إستعمال هذا الرمز بحجة أنه رمز من الرموز الوثنية وهذا بحث موجز حول هذا الرمز وتاريخه وحكم إستعماله وبالله التوفيق
إعلم أيها الأخ الكريم انه بعد البحث والتدقيق عن تاريخ هذا الرمز تبين أنه بدأ أستخدامه منذ أزمنة بعيدة وإرتبط بنبات السِّلْفِيُون أو السلفيوم أو السيلفيوم وهو نبات بري منقرض (أو لا يمكن تحديده بدقة اليوم) كان ينبت في منطقة الجبل الأخضر في ليبيا ومنها قورينا في العهد الإغريقي (شحات حالياً). ويقال أنها لا تنبت الا في هذه المنطقة من العالم وقد اشتهرت هذه الزهرة حتي أنها دخلت في القصص والخرافات القديمة و ظهرت في احدي القصص الصينية القديمة علي أنها قد تشفي أيّ مرض مستعصٍ.
وقد استعملها الإيطاليون في بنغازي كشعار ولذلك تجدها مرسومة على الجدران والأرضيات في المباني الإيطالية وقد كان الإغريق يستوردون نبات السيلفيوم من منطقة الجبل الأخضر في ليبيا أو منطقة المدن الخمس الإغريقية في قورينائية أو “سيرينايكا” أو “سيرين” شرق ليبيا.
وقد نُسجت بعض الأساطير القديمة حول علاقة نبات السلفيون بالحب والإثارة الجنسية لدرجة أن مدينة قورينا قد أصبحت غنية جداً بسبب هذا النبات وقامت بنحت شكله الذي يشبه القلب على عملتها.
وكلمة سيلفيوم (Silphium) ليست إغريقية الأصل بل إن جذرها قد يكون أفريقياً. كان اليونان يكتبونها LAC CERPICIUM ثم صار يكتب LASERPICIUM
وقد وصف السلفيوم بأنه نبات حولي له جذر غليظ ومستطيل في رأسه جمّارة درنية مكتنزة. وفي فصل الربيع تولد من هذا الجذر بواكير أوراقه التي تسمى باللاتينية maspetum. ثم تنمو ساقه وتترعرع وتكبر وهي ساق غليظة مضلعة ومجوفة من الداخل، له ثلاث طبقات من الاوراق بدون سويقات (كما يظهر على العملات النقدية القورينية).
ينمو نبا السلفيوم في المناطق شبه الصحراوية في قورينائية وليس في المناطق الزراعية المستصلحة. وكان ينمو، قبل أن ينقرض قبيل ظهور المسيحية، على الهضبة الداخلية للجبل الأخضر ما بين الهلال القوريني الخصيب وبين الصحراء، ابتداء من خليج “بُمبا” حتى خليج سرت.
وقد ذكر وصفه كثير من كتاب الإغريق مثل: الشاعر أرسطوفانيس (مسرحيته الشعرية بلوتوس) أرسطو (تاريخ الحيوان)، وسترابون وبليني الأكبر.
يعتقد البعض أن السلفيوم هو نبات “الحلتيت الطنجي” وهذا خطأ، وبعضهم يقول هو “الجَبَنَة القرقنية” أو “الحلتيت الصمغي”. واعتقد رحالة أوروبيون زاروا المنطقة في القرن التاسع عشر انهم تعرفوا على هذا النبات في نبات محلى يسمى الدرياس “بو نافع”، إلا أن وصف عالم النبات بليني الكبير له يعتبر قاطعا بشأنه. وهذه مسألة شائكة قائمة بين علماء النبات.
ويعزو المؤرخون أسباب انقراض هذا النبات إلى أسباب عدة، فقد ساد الإعتقاد أن هذا النبات قد تعرض لإبادة (مقصودة أو غير مقصودة) من سكان المنطقة. تقول الفرضيات ان السلفيوم انقرض بسبب الرعى الجائر للرعاة الليبيين الذين كان يفرض عليهم دفع ضرائبهم للمستعمرين الإغريق على شكل رزم من هذا النبات الذي ينمو في مناطق نفوذهم خارج المدن الساحليةو تقول نظرية أخرى أن هؤلاء الرعاة قامو باجتثات وتخريب جذور النبتة كي لا يضطروا لدفع ما عليهم من ضرائب وبعضهم قال أنه تمت إبادة هذا النبات لأنه تعرض لعملية حصاد من جذوره لاستخراج عصارته من جذوره الدرنية قبل إزهاره على نطاق واسع، وهذا ما سبب عدم إكمال دورة حياته.
ووصفه ابن البيطار المالقي في المادة 76 من المقالة الثالثة من كتابه تفسير كتاب دياسقوريدوس في الأدوية المفردة بأنه هو نبات الأنجدان (الاسم العلمي: Ferula assa-foetida).

إستعمالات هذا النبات وأهميته الاقتصادية:
كان الاغريقي والرومان القدماء يقدرون هذا النبات الليبي طازجا كان أومجففا فقد كان يعتبر من البهارات الهامة ويخلل بنقع سيقانه المجوفة في الخل وكعلف قيم للماشية ولشفاء الأمراض ومسهّل وفاتح للشهية ومطهّر ومانع للتعفن الخ
بل قد عده بعض النباتيين أنه ترياق لجميع الامراض كانت عصارته قيمة جدا فقد كانت رزم السلفيوم تخزن جنباً إلى جنب مع الذهب والفضة يقول بليني الكبير بشأن هذا: أن “يوليوس قيصر” وجد في الخزينة العمومية عند انتهاء الحرب الاهلية منتصف القرن الأول ق.م – إلى جانب الذهب والفضة – مخزوناً من السلفيوم، بلغ وزنه ألفا وخمسمائة رطل. فلما حل زمن الطاغية “نيرون” لم يُعثر في قورينائية سوى على ساق واحدة من السلفيوم حيث أخذت وأرسلت إلى هذا الإمبراطور كهدية فريدة في نوعها
وهو عند جالينوس “يعالج نشاف الرأس ويبعث الحرارة في الجسد، وأوصى به ديوسكوريدس لإثارة الرطوبة على الجسم وفي حالات الصلع العام وأمراض العيون ووجع الأسنان وعضة الكلب والجروح والنزلة الشعبية
وذكر بليني أنه مفيد لمرضى البرداء وإخراج الجنين الميت وعلاج التهاب القصبة الهوائية ورشح الدم والبواسير، وكانت تعالج به الكدمات ممزوجاً بالخمر والزيت، وتعالج به أورام الخنازير ممزوجاً بالشمع، وعصيره مفيد في أمراض الأعصاب، ويثير الطمث عند النساء، وتزال به الدمامل وثآليل القدم، وهو مدر للبول، ويساعد المسنّين على سهولة الهضم، ويبطل مفعول سم الأفاعي، ويشفي من مرض الجمرة والدوالي والحكاك وتشققات الأصابع، وتعالج به الجسأة الجلدية (الصدفية) والكحة وأمراض اللهاة والصفراء المزمنة والاستسقاء، ويعطى لمرضى ذات الجنب وتقلص العضلات، ومرض الكزاز (التيتانوس)، والربو والسوداء الدرنيّة (السل) والصرع وشلل اللسان، ويستعمل لعرق النسا وروماتزم القطن (اللمباغو). وقد عرف العرب السلفيوم باسم أنجدان (تعريب اللاتينية Angitana أي سلفيوم) وماغيطارس (تعريب Magidaris) والحلتيت، ويصفونه بالقوريني (نسبة إلى قورينا). ولا تكاد تختلف وصفة السلفيوم الطبيّة التي ذكرها جالينوس وديوسكوريدس وبليني عمّا ورد لدى الأطباء العرب كالرازي وابن سينا وابن العباس وابن البيطار”.
وثمة نظرية أخرى ترجع أصل رمز القلب الحالي الى العصر اليوناني، خاصة وأن كتابات غالينوس وارسطو قد شرحت تركيب القلب بأنه عبارة عن حجرتين بينهما تجويف بسيط في الوسط وبالتالي صار شكل القلب الحالي نقلاً عن محاولات النحاتين اليونانين في تشكيله وفقاً لهذه الشروح مثل تلك الرسمة التي تركها العالم الإيطالي جويدا دا فيغيفانو والتي توضح القلب.
وقد عبر الفلاسفة عن الحب بهذا الرمز لأن القلب هو الجارحة التي ينبعث منها الحب ورغم أن الحب يبدأ دائماً من المخ الذي يعطي إشارات للقلب إلا أن الإنسان يشعر بالحب دائماً عندما يتحرك بشكل أسرع ووقتها يحس الإنسان بمشاعر الحب التي تتملكه ولهذا انتشر رمز القلب كتعبير عن الحب حول العالم حتى وقتنا هذا
حكم استعمال هذا الرمز:
أيها الأخ الكريم قد ذكرنا في المبحث السابق أصل هذا الرمز وتاريخه وفي هذا المبحث سوف أبين الحكم الشرعي لإستعمال هذا الرمز
فنقول وبالله التوفيق أن هذا الرمز يكون على عدة أحوال حسب إستعماله فهومباح وقد يكون مستحبا إن استعمل للتعبير عن الحب المباح كحب الوالد لابنه والزوج لزوجته
وقد يكون محرما إذا استعمل للتعبير عن العشق المحرم كعشق الرجل للأجنبية عنه.
وأما استعمال ذلك في مقام التعبير عن حب الله وملائكته وأنبيائه ورسله أو نحوه من المقامات المحترمة المعظمة . فالظاهر أن استعمالها في مثل هذا المقام نوع امتهان وخروج عن مقام الأدب اللائق بخطاب الله وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم والذي ينبغي أن يختلف تعظيمه وتوقيره عن كل مقام سواه .
وقد قال الله تعالى:
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج /30.
وقال الله تعالى:
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج /32.
وقال تعالى :
( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) النور/62
وقال تعالى :
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفتح/8-9
ويشبه ذلك : منع أهل العلم أن يطلق لفظ “العشق” في حق الله ورسوله .
كما بين ذلك في “معجم المناهي اللفظية” للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله .
وقد سُئلت ” اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء” عن :
” سلاسل المفاتيح التي يتداولها بعض الناس، إحداها نحتت على شكل قلب، وهو رمز الحب، وكتب عليها: (أنا، ثم رسم قلب، الرسول) أي: أنا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الخلف كتب عليها: (يا حبيبي يا رسول الله) والأخرى دائرية تعلق على المدر، وكتب عليها نفس العبارة، كما نفيد سماحتكم أنه انتشر بين بعض النساء لبس قمص نسوية مكتوب على الجهة اليسرى منها فوق الثدي هذه العبارة أيضا، وقد جاءنا بها من يستفته في أمرها.
نأمل بعد التكرم بالاطلاع اتخاذ ما ترونه مناسبا، وإفادتنا بما ترونه حتى نتمكن من إجابة السائلين عن حكمها، وبث ذلك بين المستفيدين منه.
فأجابت اللجنة:
… أن فيه تشبها بأهل الفسق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم لغيرهم، ويتفانون فيه من غير التفات لحكم الشريعة المطهرة فيه، كما أن الشكل المذكور يفهم منه أيضا: أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كحب غيره من المخلوقين، وهذا غلط كبير؛ لأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة شرعا، ولا يتم الإيمان إلا بها، أما محبة غيره فقد تكون مشروعة، وقد تكون محرمة، وبناء على ما تقدم فإن كتابة العبارة المذكورة وبيعها وشرائها واستعمالها لا يجوز.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ” انتهى. “فتاوى اللجنة الدائمة” (24 / 91 – 92).
والله أعلم والحمد لله رب العالمين