الرد على أهل البدع والذب عن السنة وأهلهاالعقيدة والتوحيد ومنهج الطائفة المنصورةسلسلة الرد الشافي على الليبراليين والعلمانيين ومن نحا نحوهم من الملحدين
أصحاب الفكر التنويري يهدفون إلى محاولة زندقة شباب الأمة الإسلامية والعياذ بالله:
الحركة الفكرية التنويرية هي في حقيقتها مخرج من مخرجات العولمة العصرية، ومنهجها قائم على المزاوجة بين الأصول الاعتزالية والحضارة الغريية بفكره ومؤثراته، وهذا من باب تقريب الشرائع فيفهمون النصوص الشرعية على سبيل الاستقلال..فتحمله على أي تفسير تريد، وهذا يعني قبولهم بالمفاهيم الغربية على حساب المفاهيم الشرعية، فعطلوا الشريعة بداعي تقريب الشريعة، وردوا النصوص بداعي قراءة النصوص، فأحيوا عينا سادة، وورثوا أفكارا شاذة.
فهم ثمرة تطور تاريخي للمدرسة الاعتزالية والتي تعتمد على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة.
وقد قال ابن العربي:(العقل مزكي الشرع, ولا يصح أن يأتي الشاهد بتجريح المزكي ولا تكذيبه).
فالمدرسة الإصلاحية التنويرية هي في الحقيقية تكرير لأفكار المعتزلة، وهذا ليس بغريب، فمؤسس هذه المدرسة هو جمال الدين الأفغاني وهو- شيعي إيراني – تلقب بالأفغاني لتسهيل مهمة دعوته في البلاد الإسلامية، ثم خلفه تلميذه المخلص محمد عبده وكان متعاونا مع الأنجليز حتى أن اللورد كرومر كان له الدور الأكبر في وصوله للإفتاء، يقول كرومر: (إنني قدمت لمحمد عبده كل تنشيط استطعته مدة سنين كثيرة , ولكنه عمل شاق فضلا عن العداء الشديد الذي كان يلاقيه من المسلمين المحافظين , كان لسوء الحظ على خلاف كبير مع الخديوي , ولم يتمكن من البقاء في منصب الإفتاء , لولا أن الأنجليز أيدوه بقوة)، وقد تبنى المنهج الاستشراقي حتى قال مستر بلنج: (أن محمد عبده لا يثق في انتمائه للشريعة).
كما تأثر بهذه المدرسة أيضا محمد الغزالي، وكان له هجوم على السلفيين، فأنكر الخوارق والمعجزات ورد حديث الآحاد، وغيرها.
ومن نظر إلى التاريخ القريب وجد ما خلفته المدرسة الإصلاحية في العالم الإسلامي من خراب. كان من نتاجه دهاقنة العلمانية المعاصرة كسعد زغلول وقاسم أمين ومصطفى كامل وغيرهم.
إن هذا التراث وهذه السموم من الفكر البابلي والفينيقي والإغريقي والتي تجدها أيضا في كتابات عابد الجابري وحسن حنفي ومحمد أركون وحسين مروة تصدر من مشكاة مدرسة الفلسفة اليونانية وإحياء مفاهيمها التي ارتبطت بالقرامطة، وهي تنطلق من منطلق واحد وهو: مدرسة العلمانية والفلسفة المادية كأساس لعملية تدمير الأصالة الإسلامية.
والناس أسراب طير يتبع بعضهم بعضا، والبيضة تفقس على فكر الحاضنة.. قال أحدهم في أول تجربة طيران له: ” نحن تيار نقوم على نقد التيار السلفي وتفكيك بنيته التقليدية ومنظومته التي تعيق مشروعات النهضة والتقدم الحضاري “، هكذا قال !!، وما شعر أنه أهون من تبالة على الحجاج !!، وربما يصدق عليه ما قاله أبو بكر ابن العربي في شيخه حين قال:(شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة , وأراد أن يتقيأهم فما استطاع).
إن رفعهم لشعار الإصلاح ماهو في الحقيقة إلا غطاء لتمرير أجندة فكرية تتعارض مع الإصلاح الحقيقي..وهي مخادعة إبليسية، سنها لهم رائد الإصلاح التنويري في زمانه بقوله {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر : 26]
إن المشروع الإصلاحي بمفهومه العام مشروع أمة ومنهاج نبوة {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود : 88] والمدنية قامت مع الشريعة لا عنها، والإصلاح السياسي جزء من منظومته، وقد عني به السلف خير عناية، فما أهل التنوير في الإصلاح إلا ورقة من كتاب بيد مصلح سلفي.
واليوم، وفي عالم الثورات، تدخل الورقة التنويرية في نسختها الجديدة من غير محرمية بلاد التوحيد، متلفعة بجلباب الإصلاح، وفي حقيبتها خطوة ماكرة لمنابذة الشرع في سنة الاتباع بافتعال هذه الكلية وهي: طرد تسبيب ثلب المنهج السلفي من باب الإصلاح السياسي، على يد ركالة تسوروا محراب الإصلاح ولم يتهذبوا بمنهج السلف، قال علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:(ليس ما لا يعرف من العلم , إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن).
وإن تعجب فعجب قول أحدهم – ممن خرج من رحم التنوير الخالصي “خالص جلبي” – في قناة فضائية:(لسنا بحزب ولا بجبهة , هي تيار يلتقون في بعض الأفكار ويختلفون في بعض) فيصفون أنفسهم بالتنوير ثم لا يؤمنون بحمولته الفلسفية!!
فسمتهم هذا يدل على التناقض التام، وانعدام المنهج الواضح، والقفز على الثوابت، وعور القراءة التاريخية، وتمييع الدين، وإحداث الفرقة في المجتمع المسلم، حتى نجح الشركاء أصحاب المشروع الواحد من الليبرالية والرافضة في توظيف أعيان هذا الفريق لضرب التيار السلفي وخلخلته.
فإن كانت الحركة التنويرية قد قامت بشيء من الإيجابية في القرن الماضي – كما قرره محمد قطب– بإزالة التعلق بالخرافة ومحاربة الأفكار الصوفية، فإنهم اليوم يدعمون الخرافة بتحالفهم الواضح مع الرافضة والصوفية، وعدم نقدهم إياهم، وبإثارة الشكوك حول قداسة النص الشرعي ومن يملك حق تفسيره – النص المفتوح -، ومهاجمة المؤسسات الدعوية، وانتقاصهم لأهل العلم وازدرائهم لهم،. وما تنبو عنه أذواق القراء وأفهامهم.
وسبيلهم في ذلك إنما يعنيهم إصلاح منهجهم لا منهج مخالفهم، ولو كان عندهم مسكة من عقل ودربة من فهم، ماسلكوا هذا المسلك، والعلماء تقول:(دل على عاقل اختياره , وقالوا الرجل من وفور عقله)، فهذا الاختيار لهذا التعليل: سذاجة في الرأي وفساد في المزاج، فالإنسان بطبعه النقص ويعتريه الخلل، وكل ملة أو نحلة إلا وفي أتباعها مالايوافق عليه، والعبرة بالمنهج وسلامة المقصد، والعصمة للأنبياء، وطلب إصلاحه أعز من بيض النوق.
وإنك لتحزن لحال بعض طلبة العلم ممن اتخذ اللباس الشرعي ليستر به سوءة الفكر التنويري، فتراه يلهث في طلبهم بالمنافحة عنهم، ويتلمس ودهم في كتاباته بنظره بذات عينهم في همز المنهج السلفي ولمز رموزه، وهو مزلق خطير، وسبيل لخدش الاعتقاد، فهذا عمران بن حطان تزوج ابنة عمه ليردها عن رأي الخوارج فصرفته إلى منهجها.
وختم القول لأهل التنوير، نقول كما قال الجويني:(عليكم بدين العجائز).
والحمد لله رب العالمين